القانون الجديد للصكوك في تونس
خطوة نحو إعادة تعريف دور الصكوك المالية في تونس. تُعدّ التعديلات الأخيرة على قانون الصكوك في تونس محورًا للنقاش الاقتصادي والقانوني، خاصة بعد أن أُدرج هذا الموضوع كقضية حارقة خلال الدورة 38 لأيام المؤسسة التي نظمها المعهد العربي لرؤساء المؤسسات. وقد جاء القانون الجديد ليُخرج استعمالات الصك من الفعل الجزائي، وهو ما أثار آمالًا بإصلاحات تُحفز النشاط الاقتصادي، لكنه أيضًا أثار جدلًا واسعًا حول تداعياته. أحد أبرز التغييرات التي جاء بها القانون الجديد هو رفع الطابع الجزائي عن الصكوك، لتصبح وسيلة دفع ذات طابع مدني، بدلًا من أداة يمكن أن تُعرض مستعمليها للإجراءات الجزائية في حالة عدم توفر الرصيد. ويهدف هذا الإجراء إلى: تشجيع المعاملات التجارية: من خلال تخفيف المخاطر القانونية المرتبطة باستخدام الصكوك كوسيلة دفع. تحسين المناخ الاقتصادي: إذ يسعى القانون لتشجيع رواد الأعمال والمؤسسات على استخدام الصكوك دون الخوف من الملاحقات القانونية. تعزيز الثقة في النظام المالي: بتوفير بدائل قانونية لمعالجة مشاكل الصكوك دون اللجوء إلى العقوبات الجنائية. المخاوف من إساءة الاستخدام. أعربت بعض المؤسسات التونسية خلال أيام المؤسسة عن مخاوف جدية، منها: زيادة المخاطر المالية: إذ أن إزالة الطابع الجزائي قد تؤدي إلى تفاقم مشكلة الصكوك دون رصيد. إضعاف الرقابة: إذا لم تُصاحب القانون آليات صارمة لضمان الالتزام بالمسؤولية المالية. تأثيرات على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة: التي قد تتضرر إذا أصبحت الصكوك وسيلة غير موثوقة للتعامل المالي. و أكد الخبراء ورؤساء المؤسسات خلال النقاشات على ضرورة اتخاذ إجراءات موازية، تشمل: تعزيز آليات الرقابة: يجب أن تُرافق التعديلات القانونية إجراءات صارمة لضمان حسن استخدام الصكوك كأداة مالية، مثل تطوير نظام إلكتروني لمتابعة العمليات المرتبطة بالصكوك وتحديد المخاطر المحتملة بشكل استباقي. توفير حلول بديلة للمؤسسات: على الحكومة والبنوك توفير بدائل تمويلية وأدوات دفع مرنة لتقليل الاعتماد على الصكوك كوسيلة رئيسية للدفع، مع تعزيز التوعية بالممارسات المالية السليمة. إصلاح المنظومة القضائية والمدنية: لضمان معالجة النزاعات المرتبطة بالصكوك في إطار زمني معقول وبطريقة عادلة، بما يضمن حقوق الأطراف المتعاملة. تشجيع الشفافية والمساءلة: يجب أن تواكب هذه التعديلات مبادرات لنشر ثقافة الثقة بين الفاعلين الاقتصاديين، مع ضمان اتخاذ الإجراءات المناسبة ضد أي إساءة استخدام للصكوك. بين التحديات والفرص لا شك أن إخراج الصك من الفعل الجزائي يمثل نقلة في التعامل مع هذه الأداة المالية، حيث يفتح الباب أمام إمكانية تحسين مناخ الأعمال وتعزيز الثقة بين الفاعلين الاقتصاديين وذلك حسب المدافعين عنه خلال ايام المؤسسة 38. لكنه في المقابل يُحمل الدولة والقطاع الخاص مسؤولية كبيرة لضمان تطبيق هذا القانون بشكل يحقق التوازن بين الحرية المالية وحماية الأطراف المتعاملة. إن القانون الجديد للصكوك في تونس يهدف حسب المدافعين عنه إلى دفع عجلة النمو وتحسين بيئة الأعمال. ومع ذلك، فإن تحقيق أهدافه يتطلب العمل على إصلاحات شاملة في البنية الاقتصادية والقانونية، فضلًا عن تعزيز ثقافة الشفافية والمسؤولية. وبين الآمال والطموحات، تبقى التحديات قائمة بجدية. أيمن الجليلي – السيدة أف أم – سوسة.